على غير عادته منذ قيام ثورة 25 يناير بدا
القلق على وجهه وفي نبرة صوته شعور بالخطر على مسار عملية التحول
الديمقراطي في مصر في ضوء المستجدات التي طرأت على المسرح السياسي المصري
من جمعية تأسيسية لكتابة الدستور الجديد رأها كثيرون - هو منهم - ''منقوصة
الشرعية''، ودفع جماعة الإخوان المسلمين بنائب مرشدها المهندس خيرت الشاطرلخوض سباق الرئاسة، ما
اعتبره العديد من الخبراء والمراقبون محاولة من الجماعة لـ ''الاستئثار
واحتكار السلطة''.
تأسيسية منقوصة الشرعية
الدكتور عمرو حمزاوي، عضو مجلس الشعب، والذي التقيته بعد
بضعة أيام من عودته من أوغندا؛ حيث كان ضمن وفد برلماني مصري لحضور
اجتماعات البرلمان العالمي، شكك في شرعية الجمعية التأسيسية لكتابة دستور
مصر بعد الثورة، وأكد أن ''هذه الجمعية شرعيتها منقوصة، بالنظر إلى تشكيلها
الذي اعتمد بشكل أساسي على الانتماء الحزبي والأيديولوجي وليس على معايير
الخبرة الكفاءة''، حسب قوله.
يدلل أستاذ العلوم السياسية بجامعة
القاهرة والجامعة الأمريكية، على كلامه بانسحاب المؤسسة الدينية المصرية
(الأزهر الشريف والكنيسة) والمحكمة الدستورية العليا، وعدد من النقابات
العمالية والمهنية، هذا فضلا عن قوى سياسية وشخصيات عامة رأت أن الجمعية لا
تمثل الشعب المصري بكل طوائفه وفئاته على رأسهم المرأة والمصريين
المسيحيين والمجتمع المدني.
وجه اعتراض حمزاوي - كما يقول - يأتي
على آليات وإجراءات اختيار أعضاء الجمعية من خارج البرلمان وكذلك النسبة
التي تم على أساسها الاختيار (50 بالمئة من أعضاء البرلمان و50 بالمئة من
خارجه).
ويقول ''عندما أُعلن التشكيل خلال الجلسة
الثالثة لمجلسي الشعب والشورى للتصويت على الاختيار تحفظت على إجراءات
وآليات هذا الاختيار وطلبت الحديث ولم يسمح لي الدكتور الكتاتني (رئيس مجلس
الشعب) بذلك.. بعدها توجهت لمن انتخبني طالبًا منهم الرأي والمشورة بشأن
الاستمرار في الجمعية أو الانسحاب؛ فقررت الاختيار الثاني رغم أن غالبية من
شملهم استطلاع الرأي كانوا مع الاستمرار''.
لا تراجع
يُصر الدكتور عمرو حمزاوي، الذي أكد
أنه انسحب رسمياً من الجمعية التأسيسية، على أنه لا تراجع ولا عودة عن
موقفه، مؤكدًا على أن هذا لا علاقة له من قريب أو من بعيد بترشح المهندس
خيرت الشاطر للرئاسة.
وقال ''ما قيل بأن عدد من المنسحبين كانوا
في طريهم للتراجع والعودة مرة أخرى للجمعية قبل إعلان ترشح الشاطر كلام
غير دقيق.. وبالنسبة لي موفقي ثابت ولن يتغير''.
ويوضح أن مطالبه وبعض زملائه المنسحبين
تتمثل في: إعادة النظر في نسبة (50 بالمئة من البرلمان و50 بالمئة من
خارجه)، أن يكون التصويت على قرارات الجمعية بنسبة الثلثين من أعضاء
الجمعية لا بنسبة 50+1.
وتابع: وضع معايير محددة لاختيار الشخصيات
العامة من خارج البرلمان تعتمد بشكل أساسي على الكفاءة، وأخيرا أن تُعرض
مسودة الدستور على المحكمة الدستورية العليا قبل طرحها للاستفتاء وهذا أمر
متعارف عليه ومعمول به في معظم دول العالم، على حد قوله.
الخروج من الأزمة
يرى الدكتور عمرو حمزاوي، الذي يدافع
عن ''مشروع دولة مدنية تحترم حقوق مواطنيها على اختلاف انتمائتهم وطوائفهم
وحرية منضبطة بالصالح العام''، أن المخرج من أزمة الجمعية التأسيسية يكون
في الدعوة لعقد اجتماع يجمع كافة القوى السياسية والمجتمعية على رأسها قوى
الإسلام السياسي صاحبة الأغلبية البرلمانية برعاية من الأزهر الشريف أو
المحكمة الدستورية العليا.
وأشار حمزاوي إلى مكالمة هاتفية طويلة
جمعته بشيخ الأزهر الأمام الأكبر الدكتور علي الطيب رحب فيها بتبني هذه
المبادرة، مؤكدًا (حمزاوي) في نفس الوقت رفضه لدخول المؤسسة العسكرية على
الخط.
ويقول: ''لا أريد استدعاء المؤسسة العسكرية في أزمة الجمعية
التأسيسية.. ولابد على تيارات الإسلام السياسي التصرف برشادة وعقلانية
وتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية''.
وردا على سؤال حول
احتمالية أن تطول المرحلة الانتقالية ويتأخر تسليم السلطة عن الموعد
المحدد في 30 يونيو المقبل، أعرب حمزاوي عن تمنيه عدم حدوث ذلك؛ ''فالهدف
منذ البداية كان تقصير المرحلة الانتقالية لا إطالتها''، على حد قوله.
الشاطر.. وخطأ الإخوان الفادح
أما انتخابات الرئاسة وما أحدثه تراجع
الإخوان المسلمين عن قرارهم السابق والدفع بالمهندس خيرت الشاطر لخوض سباق
انتخابات الرئاسة، رأى حمزاوي أن الجماعة ارتكبت ''خطأ فادحا'' بهذا
القرار وبسعيها لاحتكار السلطة.
وقال: ''هذا القرار ومساعي الإخوان
للاستئثار بالسلطة ليس في صالح الوطن خاصة في مرحلة التحول الديمقراطي''،
مضيفا أن احتكار السلطة التشريعية والتنفيذية من أسوأ ما يحدث في مراحل
التحول، وكان على الجماعة الهدوء والتروي وعدم الدفع بمرشح رئاسي''.
شيء آخر تطرق إليه حمزاوي، وهو طبيعة العلاقة بين الجماعة وحزب الحرية
والعدالة، وما إن كانت القرارات تنبع من مقر الحزب (في المنيل) أم من مكتب
الإرشاد (في المقطم)؟؟.
كما أن هناك تساؤلات أثارها النائب
البرلماني حول قانونية وجود كيان الإخوان المسلمين، وعدم مراقبة أعمالها
وحساباتها المالية من قبل مؤسسات الدولة مثلها مثل باقي الجمعيات والمنظمات
الأخرى.
وأوضح أن الجماعة لا عذر لديها الآن بعد
ثورة 25 يناير في أن تقنن أوضاعها وتعمل في إطارٍ من الشرعية بعد أن زال
المانع بسقوط النظام السابق.
وأشار حمزاوي إلى أن هناك استجوابا
في مجلس الشعب حول هذا الأمر ومن المنتظر إحالته لوزارة التضامن الاجتماعي
التي عليها أن ترد على الوضع القانوني للجماعة.
التحدي الأكبر
''تعريف وضع المؤسسة العسكرية في
الدستور الجديد''.. هذا ما يراه الدكتور عمرو حمزاوي ''التحدي الأكبر
والأهم'' في مسيرة الديمقراطية، بالرغم من الصراعات والنزاعات بين القوى
السياسية المختلفة التي يجب ألا تكون على قضايا وجودية، وأن تكون حول رؤية
اقتصادية أو اجتماعية.
يقول حمزاوي إن إعادة تعريف وضع المؤسسة
العسكرية وتحويلها إلى مؤسسة احترافية تؤدي دورها الأساسي بحماية حدود
الوطن وتبتعد تماما عن السياسة سيأخذ وقتا ليس بالقصير وربما يتم على
مراحل، على حد قوله.
ثنائية البرلمان والحكومة
وبالنسبة لمجلس الشعب، قال حمزاوي إن
أداء البرلمان من حيث الدور الرقابي والتشريعي لم ينضبط بعد، خاصة وأن
الحكومة لا تقبل المسائلة والمراقبة من قبل البرلمان ما يعيق عمله الأساسي.
وطرح حمزاوي حلين لهذا الأمر: الأول:
السير في إجراءات سحب الثقة من الحكومة، مشيرًا إلى احتمالية حدوث صدام مع
المجلس العسكري حال رفض إقالة الحكومة. أما الثاني فتمثل في مطالبة الدكتور
الجنزوري ببرنامج محدد وواضح لمدة بقائها، على أن تكون هناك مراقبة من قبل
النواب لتنفيذ هذا البرنامج.